حين يتحول الحضن إلى خطر

حين يتحول الحضن إلى خطر
بقلم: سهام محمد راضي
لم تعد جرائم القتل تحدث في الخفاء أو في ظروف استثنائية. أصبحت تحدث في بيوتنا، بين أهلنا، على يد أقرب الناس. أصبح القاتل زوجًا، أو زوجة، أو ابنًا، أو أبًا… والمقتول فرد من نفس العيلة. وكل يوم بنسمع خبر، وكل يوم بنقول “مش ممكن”، لكن اللي بعده بيبقى أبشع، والصدمة بتتكرر كأنها ما خلصتش.
في الفترة الأخيرة، بقى عندنا يقين إن ريحة الموت ف كل حتة…
في الشارع، في المستشفى، في البيت، في حضن المفروض يطبطب بقى بيدبح.
مش بنتكلم عن خلافات بتنتهي بصراخ ولا طلاق. لأ، بنتكلم عن دم، وسكاكين، وخنق، وضرب مفضي للموت.
زوجة تقتل جوزها وهو نايم.
زوج يطعن مراته قدام عيالهم.
ابن يضرب أمه علشان مصروف.
أب يخنق أولاده علشان مش قادر يعيشهم.
أخ يقتل أخوه في لحظة غضب.
حماة تموت على يد جوز بنتها.
وطبيب يُتَّهم بالقتل بعد عملية فاشلة.
وسواق يدهس أسرة كاملة بسبب غفوة أو استهتار.
اللي بيحصل مش طبيعي، ومش ممكن نقبله كجزء من “الواقع الجديد”.
ده مش واقع… ده خلل كبير، وصرخة لازم حد يسمعها.
البيت اللي المفروض يبقى أمان، بقى ساحة خطر. واللي المفروض يحمي، بقى هو اللي بيقتل.
السبب؟
مش حاجة واحدة، دي مجموعة أسباب بتتجمع وتنفجر:
الضغوط المالية خانقة.
العلاقات الزوجية مليانة عنف وقهر.
عيال مش متربين، وأهل مشغولين، ومدارس بتخرج ناس من غير تربية.
في ناس بتتعاطى، وناس مكتومة، وناس سكتت لحد ما انفجرت.
وإعلام بيروّج للانفعال، وبيخلي العنف شيء عادي.
والنتيجة:
الناس بتتخانق وبتقتل كأنها بتسترد حقها، ومفيش حد بيفكر فـ العواقب.
كل واحد شايل قنابل جوا صدره، مستني اللي يولّع الفتيل.
والمجتمع بيتفرج، وبيصوّر، وبيعدّ الضحايا.
القتل مبقاش جريمة فردية… بقى جريمة ساكت عنها الكل.
والضحايا مش دايمًا مجرمين… أحيانًا ضحية تربية، أو قهر، أو سكوت.
الحل مش في العقوبة بس، ولا فـ القصاص بس.
الحل في الوقاية، في التربية، في الدعم النفسي، في التعليم اللي يعلم الرحمة، في قانون سريع وحازم، وفي إعلام مسؤول.
رسالة أخيرة:
قبل ما تمد إيدك على حد، اسأل نفسك:
هتقدر تتحمّل النتيجة؟
القتل مش رجولة، ولا انتصار.
القتل لحظة… بس نتيجته عمر كامل من الندم أو العار.