مقالات راي

هكذا تُسرق وصية الله… بأقلام من يفترض أنهم حُماة القانون”

“هكذا تُسرق وصية الله… بأقلام من يفترض أنهم حُماة القانون”

بقلم : سهام محمد راضى
الميراث ليس مجرد تقسيم أموال أو عقارات بين الورثة، بل هو فريضة من فرائض الله، نص عليها القرآن الكريم بدقة لا تحتمل التأويل. ومع ذلك، أصبحنا نشهد في السنوات الأخيرة انفجارًا في قضايا حرمان البنات من ميراث آبائهن، في واحدة من أبشع صور الظلم الأسري والاجتماعي.

المأساة لا تكمن فقط في اغتصاب الحق، وإنما في الطريقة التي يتم بها ذلك.
تبدأ القصة غالبًا بعد وفاة الأب، حيث تظن البنت أن القانون والشريعة سيحميان نصيبها. لكن على أرض الواقع، تجد نفسها في مواجهة مؤامرة صامتة، تبدأ من جلسة عائلية تتسم بالود الظاهري وتنتهي بعقود مزورة في أدراج الشهر العقاري.

الأدهى من ذلك أن بعض من يقودون هذه المؤامرات ليسوا أميين في القانون، بل هم محامون ومستشارون وأشخاص يملكون خبرة في التشريعات، ويعرفون تفاصيل أحكام الميراث حرفًا بحرف، لكنهم يوظفون هذا العلم لسرقة الحقوق لا لحمايتها.

دهاليز التزوير

التزوير في قضايا الميراث أصبح صناعة قائمة بذاتها. هناك موظفون في الشهر العقاري يتقاضون رشاوي مقابل إدخال تعديلات على العقود، أو حذف أسماء الورثة الإناث، أو تسجيل العقارات بأسماء محددة قبل أن تُستكمل إجراءات الحصر الشرعي.
تُستغل ثغرات إجرائية، وتُزوّر توكيلات عامة، وتُستخرج عقود بيع وهمية تثبت أن الأب قد باع ممتلكاته قبل وفاته، لتجد البنت نفسها أمام أوراق رسمية تؤكد أن لا حق لها.

التواطؤ الأسري والضغط النفسي

إلى جانب التزوير، تُمارس ضغوط نفسية واجتماعية هائلة على البنات.
عبارات مثل “عيب ترفعي قضية على إخواتك” أو “الست مالهاش غير بيت جوزها” أو “اصبري وما تفضحيش العيلة” تُستخدم كسلاح لإسكات الضحية.
وفي حالات أخرى، يُلوّح لها بالحرمان من المساندة المادية أو حتى التهديد بقطع صلة الرحم إذا طالبت بحقها.

الأثر المجتمعي الخطير

أكل الميراث ليس جريمة فردية، بل قضية رأي عام تمس نسيج المجتمع كله.
عندما تُسلب حقوق البنات بهذه الطريقة، فإننا لا نهدم أسرة واحدة فقط، بل نؤسس لثقافة الظلم وتوارث القهر عبر الأجيال.
البنت التي تُظلم اليوم، قد تزرع في قلبها الحقد، وقد تفقد ثقتها في القانون والمجتمع، مما يفتح الباب للفوضى والانتقام.

قصة ف. ا. ح. ب شاهد حي على الظلم. رفضت توقّع على أي ورقة تسلب حقها، بينما شقيقاتها وقّعن تحت الخداع، وحقها الشرعي معطّل، وهي في أمسّ الحاجة إليه لتعيش هي وأسرتها.

المطلوب الآن

فتح ملفات قضايا الميراث على مستوى الجمهورية، والتحقيق في كل حالة حرمان أو تزوير.

تشديد الرقابة على مكاتب الشهر العقاري، ومحاسبة أي موظف يثبت تورطه في هذه الجرائم.

وضع آلية قانونية تضمن حصول البنات على ميراثهن دون الحاجة للجوء إلى سنوات من التقاضي.

إطلاق حملات توعية مجتمعية لتغيير الثقافة السائدة التي تعتبر أكل الميراث أمرًا عاديًا أو مقبولًا.

كلمة أخيرة

الميراث فريضة الله، وأي تعدٍ عليه هو تعدٍ على شرع الله قبل أن يكون جريمة قانونية.
من يمد يده لسرقة حق أخته أو قريبته، ويستخدم نفوذه أو علمه بالقانون لتبرير جريمته، فقد خان الأمانة وباع ضميره.
والصمت عن هذه الجرائم هو مشاركة في ارتكابها.
إننا نرفع الصوت عاليًا: حق البنات مش سلعة للبيع… والميراث أمانة مش غنيمة.

منصة تقارير

خالد حسين البيومى كاتب صحفي رئيس مجلس إدارة موقع وجريدة أخبار السياسة والطاقة نائب رئيس مجلس إدارة موقع تقارير الصادرة عن الجمعية العربية الأوروبية للتنمية المستدامة الأمين العام للجمعية العربية الأوروبية للتنمية المستدامة عضو بالمراسلين الأجانب عضو بالإتحاد الدولى للأدباء والشعراء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock